الدعاء في شهر رمضان.
للدعاء في شهر رمضان خصوصية كبيرة في قلوب المسلمين؛ لأن رمضان هو الشهر المبارك الكريم، ففيه يتوب المسيؤون، ويزاد قرباً لربهم الطائعون.
ورمضان زمن مخصوص بالفضائل، والدعاء فيه دعاء مخصوص بخلاف الدعاء في ثائر الأوقات؛ فالمسلم في رمضان يكون صائماً، وقد جاءت آية استجابة الدعاء الكريمة بين الآيات التي تبين أحكام الصيام، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾.
وللصائم دعوة لا تُـردّ لقول الـنّبـيُّ ﷺ: “ثلاثة لا تُردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يُفطِر، ودعوة المظلوم”.
وعلى المسلم أن يجتهد في الدعاء طوال شهر رمضان سواء في وقت الصيام أو الفطر؛ فإن رمضان كله وقت للدعاء، وخصوصا للصائم؛ لأن له دعوة لا تردّ، ويستحب للصائم الدعاء بمهمات الآخرة والدنيا له ولمن يحب، وللمسلمين جميعاً.
فضل الدعاء في شهر رمضان:
شهر رمضان كله خير؛ فيه تُـصفّد الشياطين، وتكثر الخيرات والبركات، وتنزل الرحمات من أعالي السماوات، ويعتق اللّٰه – سبحانه وتعالى – عباده من النار، فقد قال الـنّبـيُّ ﷺ: { إنَّ للهِ تعالى عتقاءَ في كل يومٍ و ليلةٍ، لكل عبدٍ منهم دعوةٌ مُستجابةٌ }، وبيّن ﷺ أحوال الجنة والنار فقال: { إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ }، وهذه بشارة بقبول صالح الأعمال ومنها الدعاء.
وشهر رمضان يشمل كل العبادات؛ فلا ينحصر في الصلاة والصيام وقراءة القرآن الكريم فقط، فيستحب للمسلم أن يعمل جميع الأعمال الصالحة فيه، ولا ينسى الدعاء، وأن يدعوَ ربـه وهو موقن بالإجابة، إما بإعطائه ما يريد، أو بصرف أذى وبلاء عنه، أو بادّخار الإجابة كأجر يناله يوم القيامة.
أفضل وقت للدعاء في شهر رمضان:
كما قلنا إن شهر رمضان المبارك كله وقت للدعاء وأعمال الخيرات، إلا أن ليلة القدر لها خصوصية كبيرة وفضل عظيم، تلك الليلة التي تكون في الليالي الفردية من العشر الأواخر في الشهر الكريم، ومن الأوقات الفضلى كذلك ثُلث الليل الأخير، وبعد أداء الصلوات المفروضة، وحين يُنادي المُؤذِّن للصلوات، وما بين الأذان والإقامة، وفي لحظات السجود في الصلاة، وفي ساعة الاستجابة من يوم الجمعة، وفي مجالس الذكر، والخلاصة أن الشهر كلها وقت للدعاء وأفضلها في الليالي الفردية من العشر الأواخر؛ لأنها تصادف ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر أي أكثر من ثمانين عاماً.
الدعاء المأثور في شهر رمضان:
إن الدعاء في شهر رمضان غير محدد، ويستحب للمسلم أن يدعو بما يشاء من خير له وللمسلمين، إلا أنه قد وردت في السنة أدعية مأثورة عن النبي ﷺ، ومنها ما يأتي:
- الدعاء عند رؤية هلال رمضان: “اللَّهمَّ أهلِلهُ علَينا باليُمنِ والإيمانِ والسَّلامَةِ والإسلامِ ربِّي وربُّكَ اللَّهُ”.
- الدعاء عند الإفطار: ” اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، ذَهَبَ الظَّمأُ وابتلَّتِ العُروقُ وثبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللَّهُ”.
- سؤال المُعافاة في ليلة القدر: “اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ كَريمُ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي”.
آداب الدعاء في شهر رمضان:
يجب على المسلم أن يتحلى بآداب الدعاء؛ ليكون دعاؤه مقبولاً عند الله تعالى، ومن هذه الآداب:
- الإخلاص للّٰه وحده، وعدم الاستغاثة بغيره، أو الإشراك به في الدعاء أو غيره.
- اجتناب المُحرَّمات، والتزام الطيّبات الحلال من الرزق، والطعام، والشراب.
- حضور القلب، والابتعاد عن الغفلة.
- اليقين بالاستجابة.
- بدء الدعاء بحمد على اللّٰه والثناء عليه، والصلاة على رسوله محمد ﷺ.
- الحرص على الطهارة، واستقبال القِبلة، ورفع اليدين، وبَسْطهما نحو الصدر أو الوجه، وجَعْل بطنهما نحو السماء؛ بِضمّهما.
- الإلحاح في الدعاء، وعدم تركه.
- تجنُّب الدعاء المُحرَّم، والمشتمل على إثم، كالدعاء بقطيعة الرَّحِم.
أدعية لشهر رمضان الكريم:
نورد لكم هنا مجموعة من الأدعية الجميلة التي يمكن أن ندعوَ اللّٰه بها في شهر رمضان المبارك ونحن راجون بالإجابة لنا ولكم إن شاء اللّٰه تعالى.
- اَللّهُمَّ اَعِنّي فيهِ عَلى صِيامِهِ وَقِيامِهِ، وَجَنِّبني فيهِ مِن هَفَواتِهِ وَآثامِهِ، وَارْزُقني فيهِ ذِكْرَكَ بِدَوامِهِ، بِتَوْفيقِكَ يا هادِيَ المُضِّلينَ.
- اَللّهُمَّ اجْعَل لي فيهِ نَصيباً مِن رَحمَتِكَ الواسِعَةِ، وَاهْدِني فيهِ لِبَراهينِكَ السّاطِعَةِ، وَخُذْ بِناصِيَتي إلى مَرْضاتِكَ الجامِعَةِ بِمَحَبَّتِكَ يا اَمَلَ المُشتاقينَ.
- اَللّهُمَّ اجْعَلني فيهِ مِنَ المُتَوَكِلينَ عَلَيْكَ، وَاجْعَلني فيهِ مِنَ الفائِزينَ لَدَيْكَ، وَاجعَلني فيه مِنَ المُقَرَّبينَ اِليكَ بِإحْسانِكَ يا غايَةَ الطّالبينَ.
- اَللّهُمَّ اجعَلني فيهِ مِنَ المُستَغْفِرينَ، وَاجعَلني فيهِ مِن عِبادِكَ الصّالحينَ القانِتينَ، وَاجعَلني فيهِ مِن اَوْليائِكَ المُقَرَّبينَ، بِرَأفَتِكَ يا اَرحَمَ الرّاحمينَ.
- اَللّهُمَّ وَفِّقْني فيهِ لِمُوافَقَةِ الْأبرارِ، وَجَنِّبْني فيهِ مُرافَقَةِ الأشرارِ، وَآوني فيهِ برَحمَتِكَ إلى دارِ القَرارِ بإلهيَّتِكَ يا إله العالمينَ.
- اللّهُمَّ اغْسِلني فيهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَطَهِّرْني فيهِ مِنَ العُيُوبِ، وَامْتَحِنْ قَلبي فيهِ بِتَقْوى القُلُوبِ، يا مُقيلَ عَثَراتِ المُذنبين.
- اللّهُمَّ افْتَحْ لي فيهِ أبوابَ الجِنان، وَأغلِقْ عَنَّي فيهِ أبوابَ النِّيرانِ، وَوَفِّقْني فيهِ لِتِلاوَةِ القُرانِ يا مُنْزِلَ السَّكينَةِ في قُلُوبِ المؤمنين.
- اللّهُمَّ اجْعَلني فيهِ مُحِبّاً لِأوْليائكَ، وَمُعادِياً لِأعْدائِكَ، مُسْتَنّاً بِسُنَّةِ خاتمِ أنبيائكَ، يا عاصمَ قٌلٌوب النَّبيّينَ.
- اللّهُمَّ غَشِّني فيهِ بالرَّحْمَةِ، وَارْزُقني فيهِ التَّوفيقَ وَالعِصْمَةَ، وَطَهِّر قَلبي مِن غياهِبِ التُّهمَةِ، يا رَحيماً بِعبادِهِ المُؤمنينَ.
- اللّهُمَّ اجْعَلْ صِيامي فيهِ بالشُّكرِ وَالقَبولِ عَلى ما تَرضاهُ وَيَرضاهُ الرَّسولُ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ.
